ما ينبغي عمله من أجل الحفاظ على البيئة
ثقافة البيئة، أو ما ينبغي عمله من أجل الحفاظ على البيئة وحمايتها أو التفاعل والتعاطي معها، تقوم على عدّة ركائز، منها:
1 ـ الشعور بالمسؤولية:
الإحساس بالمواطنة، وأنّك جزء من هذا الوطن أو البلد، وأنّه بيتك الكبير، وأبناؤه إخوانك.. سعادتك من سعادته وما يصيبه يصيبك.. ثقافة تتلقى دروسها الأولى من أمّك وهي تعلِّمك كيف تُلقي المُهمَل في سلّة المهملات، وأن تبقى نظيفاً ومرتباً في البيت والمدرسة والشارع.. وفي أولى وصايا أبيك في أن لا تقطع شجرة ولا تقتل عصفوراً.. ولا تُخرِّب أو تعتدي على ممتلكات غيرك..
إنّ الطالب أو التلميذ الذي يكتب على مقعد الدراسة ويحوّله إلى لوحة مشوّهة تتداخل فيها الرسوم والخطوط والكلمات المبعثرة والألوان المتنافرة.. لا يقدِّر المسؤولية..
وراكب الحافلة الذي ينقش على المقعد المخصّص للركّاب والمسافرين قلباً وسهماً وكلمات ورموز غير لائقة.. يسيء لنفسه أوّلاً.. وللمال العام ثانياً.. ولأبناء وطنه ثالثاً..
والذي يأكل الموزة ويرمي قشرها على قارعة الطريق ثمّ يضحك من الذين يسقطون بسببه.. انسان عديم الذوق والإحساس..
وذاك الذي يبصق في مرأى ومسمع من الناس القريبين منه.. لا يُقدِّر مدى الاشمئزاز والقرف الذي يصيبهم جرّاء فعلته، ناهيك عمّا يُسبِّبه لهم من أذى نفسي وصحّي..
والشواهد اليومية.. كثيرة.
وعكسها موجودة.. أيضاً.
فالذي يرفع القمامة من غرفة الدرس حتى لو لم يكن هو الذي رماها.. تلميذ مسؤول..
والذي يمتنع عن التدخين ـ وهو مدخّن ـ في مكان عام أو مغلق.. انسان يحترم حريّة وصحّة ومزاج الآخرين..
والذي ينظف أنفه في الحمام.. أو يستخدم المنديل عند العطاس يعطي انطباعاً عن ذوق ولطف وكياسة..
والذي يزيح الحجارة أو القناني المكسورة أو أي شيء يُسبِّب الأذى في الطريق.. يعمل بمبدأ اسلامي وهو (إماطة الأذى عن طريق الناس).
هذه هي المسؤولية.. أشعرُ بها حتى ولو لم تكن هناك لافتة أو تحذير أو إشعار..
كيف أشعر بالمسؤولية إزاء البيئة؟
إذا أحببتُ لغيري ما أحبّ لنفسي.. هذا أوّلاً.
وثانياً: أن أكون أنموذجاً صالحاً لغيري.
إنّ الموظف أو التلميذ أو الفرد في الأسرة الذي لا يترك التبريد أو التدفئة أو الإضاءة مفتوحة وهو خارج غرفته.. انسان أو مواطن مسؤول.
أمّا الذي لا يشعر لا برقابة داخلية (وخزة ضمير) ولا برقابة خارجية.. فهو عديم المسؤولية، وقد تكون اللافتة أمام ناظريه لكنّه يتعمّد خرقها.. وربّما عرف الصحيح لكنّه يستسهل الخطأ..
2 ـ النظافة والصحّة:
كيف نحصل على بيئة نظيفة وصحّية؟
ليست هناك إجابة جاهزة على هذا السؤال.. كلّ ما من شأنه أن يحقِّق النظافة، ليصبّه في خدمة البيئة النظيفة..
نَظِّف الزاوية التي أنت فيها.. وبدوري سأقوم بتنظيف المكان الذي أنا فيه.. وبهذا تتسع دوائر النظافة.. وإذا اتسعت حلّت الصحّة والعافية وشاع الصفاء والنقاء والبهجة.. للبولونيين مثل يقول: (لو قام كلُّ امرئ بالتنظيف حول بيته لأصبحت كلُّ مدينة نظيفة)! فالنظافةُ بعضها من بعض وهي لا تتجزّأ.
قد يكون للتعليمات الصحّية الصادرة عن وزارات الصحّة نفع في دفع الذين لا يلتزمون بالنظافة إلاّ بالإنذار والقانون أن يراعوها للغرامات المالية أو العقوبات المترتبة على مخالفتها، لكنّ هؤلاء سرعان ما يديرون ظهرهم للقانون إذا كان القانون نائماً أو مشغولاً عنهم..
عين الرقابة المفتوحة تساعد في التطبيقات الحازمة لكنّها لا تجلب النظافة دائماً.. ثقافة النظافة أن نعتبر المحلّة أو المدينة هي بيتنا الثاني.. الصينيون يذهبون أكثر من ذلك.. هم يقولون: (العالم هو بيتنا.. حافظ على نظافته)!
في ثقافتنا الاسلامية الصحّية.. الطهارة تعني النظافة لأنّها تحصل بازالة القذارات والنجاسات.. وهل النظافة غير ذلك؟ يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ الله طيِّب يحبّ الطيب، نظيف يحبّ النظافة».
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يربط بين النظافة وتحسّن الأحوال المعيشية: «كنس البيوت ينفي الفقر».